أصبح التوازن في الحياة مطلبًا حاضرًا في حياة الكثير من الناس في هذا العصر الذي بات نمط السرعة غالبًا في كل تفاصيله.
فسرعة الإنجاز وتحقيق النتائج والأهداف غدت كفيروس مدمر يفتك بأعصاب إنسان هذا العصر الذي أغرته المكافآت المرتبطة بتلك القيمة.
تم التلاعب بطبيعة الإنسان الفطرية بتلك الإغراءات التي تحاكي رغبات المكانة والحياة المادية الرغيدة في داخله، والذي بات مأخوذًا بها عن حق ذاته الحقيقية في هذه الحياة.
تلك الذات التي غدت كروبوت مستعبَد لسلطة العمل والإنجاز والدوران في رحى منافسة التفوق مع المنافسين. فعلى الرغم من أن العمل والسعي نحو الإتقان والتطور وزيادة الإنتاج من القِيَم الأساسية في حياة الإنسان؛ إلا أن الإخلال بمبدأ التوازن في تحقيق تلك الِقيَم هو ما يجعلها سببًا في انحراف الإنسان عن فطرته الإنسانية وتقصيره في حق ذاته.
إنَّ التغافل عن الآثار بعيدة المدى التي ستلحق بالصحة النفسية والجسدية والعقلية لإنسان هذا العصر خطير جدًّا إذا لم يتم تداركه عاجلًا.
ففي دراسة حديثة أجرتها مؤسسة القلب البريطانية تبين أن اثنين من كل خمسة موظفين يقولون: إن الإجهاد في العمل قد أثَّر على صحتهم، مما جعلهم يدخنون ويشربون أكثر، ويأكلون بشكل سيئ، ويتركون ممارسة الرياضة.
فالأساليب المتبعة في الإنجاز والعمل والإنتاج تساهم بشكل سلبي في خلق فجوات متعددة في جوانب حياة الإنسان المختلفة.
فأوقات العمل الطويلة، وتعدد المهام وضغط الإنجاز والعلاقات السيئة داخل بيئة العمل؛ تعمل كمحفّزات للقلق والتوتر، والذي بدوره يؤثر على مستوى الطاقة الحيوية للإنسان، والتي حتمًا ستؤثر في جودة حياته الاجتماعية وعلاقاته مع الأسرة والأصدقاء.
ذلك النمط السريع والممتلئ بالمهام والأعمال لا يدع مجالاً لأن يعيش الإنسان حياةً سويةً متوازنة يعطي فيها كل ذي حق حقه؛ ففي الحديث النبوي: (إنَّ لربك عليك حقًّا، ولنفسك عليك حقًّا، ولأهلك عليك حقًّا، فأعطِ كل ذي حق حقّه).
إن إدراك أهمية العيش بتوازن بما يحقّق الإشباع للحاجات الروحية والنفسية والجسدية والاجتماعية والمهنية كافٍ لأن يقف الإنسان مع نفسه وقفة تأمل يُعيد فيها ترتيب أولوياته وتنظيم حياته.
قد يبدو أن الأمر صعب، ولكنَّ الواقع يُثبت عكس ذلك؛ فالكثير من كبار قادة الشركات والمؤسسات في هذا العصر يجدون وقتًا يضبطون فيه توازن حياتهم رغم كثرة مشاغلهم ومهامهم.
إذا لم تتمكن من إيجاد ذلك التوازن يمكنك طلب المساعدة من مختصّ في هذا المجال.
وتذكر دائمًا:
أنك تستحق أن تعيش عمرك في حياة طيبة تليق بك.
نجاة الريس